تابع قصة جندى مصرى من أبطال الدفاع الجوى الذين ساهموا فى كتابة حرب أكتوبر

جنودنا المصابين

بعد دمياط كان الهدوء و الظلام على طول الطريق الساحلى إلى بورسعيد. وعلى الطريق الساحلى بمحازاة البحر الأ بيض المتوسط بدأنا بتوسيع المسافات بين عرباتنا حتى لا تكون هدفا سهلا للعدو من البحر

وكنت داخل المحطة المحمو لة على عربة ضخمة و فجأة توقفت العربة و انفتح باب المحطة من الخارج و شهرت بندقيتى الآ لية فى وجه من فتح الباب وكان زكريا الذى كان يقود العربة وطلب منى أن أكون بجانبه هو وجرجس فى كابينة القيادة حتى نكون أكثر استعداد فى حالة أى هجوم فى هذا الظلام و بعد مرور بعض الوقت تقابلنا مع بعض العربات القادمة من بورسعيد وبها جنود مصابين و سمعنا دعواتهم لنا الله معكم ....الله معكم

خدعة للعدو

تابعنا طريقنا وعندما وصلنا الى بورسعيد كان موقعنا فى منطقة كوبرى الجميل بين البحر شمالا و بحيرة المنزلة جنوبا وكانت الأرض تحت قدمى متفحمة وفوق الكوبري المتهدم جنود يجلسون في الظلام حول طبلية يأكلون وآخرين يقفون علي ابعاد متساوية و لكن الشئ الغريب أنهم لا يتحركون وعندما اقتربت منهم اكتشفت إنهم من القش إنهم خدعة للعدو

آثاره فوق شفتى العليا

وادخلنا محطتنا فى الدوشم المخصصة .. يجب أن نكون مستعدين للقتال قبل أن يحل الصباح وكان أصعب ما فى هذا العمل هو تجميع الهوائيات أولا فى وضع افقى على الارض (هذا فى حالة محطتنا هناك انواعا اخرى مختلفة) ثم رفعها بواسطة أحد المحركات الى الوضع الرأسى وكان العمل فى الظلام على قدم وساق ... وانزلق المفتاح الإ نجليزى من إحدى الصواميل ليصيبنى فى وجهى (مازلت ارى اثاره فوق شفتي العليا حتى اليوم) وانسابت الدماء من وجهى و لكن ليس هناك وقت لتجفيفها و لم اكن أعلم أن دمائي بهذا الطعم المالح و تم تركيب الهوائي ولابد الآن من رفعه فى وضع رأسى و بدأنا بتشغيل المحرك الذى يقوم برفعه و كانت هناك مفاجأة سيئة لقد احترق المحرك ولابد من رفع الهوائي يدويا عن طريق يدا حلزونية و ليس هناك وقت لقد اقترب الصباح ووقفنا واحدا خلف الآخر فى طابورلإدارة هذه اليد بسرعة وارتفع الهوائي ومعه الصباح

لعبة القط والفأر

كنا مستعدين للقتال و بدأ سلاح الجو الاسرائيلى الدخول الى منطقة بورسعيد معتقدا أنه لا توجد قواعد صواريخ و كانت مفاجأة مذهلة لهم و انطلقت صواريخنا لتهز الارض وتشق السماء و لتسقط ثلاث طائرات وهرب الباقى مذعورين فى كل اتجاه و شاهدنا طائراتهم الهليكوبتر تبحث عن قتلاهم فى مياه البحر وبدأت لعبة القط والفأر نحن القط الذى ينتظر الفأر

تضليل القنابل التلفزيونية

بدأنا نعد انفسنا للتغلب على وسائلهم الساعية إلى تدميرنا فكنا نقوم بإطلاق قنابل الد خان حولنا و بهذا تصبح كل المنطقة ملفوفة فى دخان ابيض كثيف (لقد كان له طعم سكرى فى حلقى) وذلك لتضليل القنابل التليفزيونية وقمنا ايضا بإحراق براميل السولار حولنا فى كل مكان لجذب الصواريخ الحرارية بعيدا عنا و هناك طرق اخرى كثيره للتغلب على التشويش الرادارى والصواريخ التى تتبع أشعة الرادار.

كنا أكثر ذكاء منهم

بدأ سلاح الجو الإسرائيلى يدور حولنا فى دائرة نصف قطرها اربعين كيلومتر ليكون فى أمان من صواريخنا و كان هناك اكثر من اربعين هدفا وبدأ الكر والفر وكانوا يدخلون من عدة اتجاهات بمجموعات من طائراتهم لإرباكنا و كنا اكثر ذكاء منهم فكنا نطلق صواريخنا فى كل اتجاه ونختار الأهداف الأ كثر قربا وخطورة ونتحكم فى الصواريخ الموجه الى هذه الأهداف تاركين الصواريخ الأخرى بدون تحكم ونسقط الأهداف القريبة قبل أن تفر أما الأهداف البعيدة نسبيا فتفر من صواريخنا الغير متحكم فيها او نستدير لنتحكم فى صواريخ أخرى لضرب الاهداف التالية من حيث قرب المسافة كل هذا فى ثوانى

اسقاط طائرتين بصاروخ واحد واخرى بدون صاروخ

كان لهم طرقا اخرى ، بعضا من هذه الطائرات تقترب فى مجموعة من عدة طائرات قريبة جدا من بعضها البعض حتى تظهر على شاشات الرادار كهدف واحد ثم يقوم عددا منهم بالهبوط السريع الى ارتفاع منخفض للفر من أجهزة الرادار والهجوم ويعود الآخرين إلى الوراء وكانوا يعتقدون أنهم بهذا يخدعوننا فيظهرون كهدفا واحدا يدخل ثم يعود الى الخلف وهنا يدخل عامل الذكاء مرة اخرى فكنا نقوم بخفض هوائيتنا لنكتشف الذين على ارتفاع منخفض ونقوم بتدميرهم و لقد تم اسقاط طائرتين بصاروخ واحد نظرا لقربهم الشديد من بعضهم (هذا ماابلاغتنا به كتائب الصاعقة التى سقطت الطائرات فى منطقتهم) وتم اسقاط طائرة بدون اصابتها بصواريخنا فقد دخل هذا الطيار من منطقة بحيرة المنزلة و كان على ارتفاع منخفض جدا واطلقنا عليه صاروخا منخفضا وتملكه الذعر وانخفض مرة اخرى ليصطدم بالمستنقعات و ينفجر وينفجر و ينفجر

راديو القاهرة وبعض الراحة!!

كان جميلا جدا عندما اسمع من راديو القاهرة البيان الذى يعلن عدد الطائرات التى اسقطناها اليوم فى بورسعيد و لقد كانت بياناتنا صادقة حقا . وفى ظهر أحد الأيام كنت قد تركت المحطة لأخذ بعض الراحة فقد مرت عدة ايام لم أذق فيهم طعم النوم الإ بضع ساعات قليله وتوجهت إلى خندقى الذى كان موقع راحتى وفى نفس الوقت موقع دفاع ضد أى هجوم من البحر و كان عبارة عن حفرة برميلية وكان يوجد فيها بطاطينى وثلاث صناديق من القنابل اليدوية والذخيرة و كانوا تحت قدمى

اخترق الاسرائيلين دفاعاتنا

فى هذا اليوم تمكن الإسرائيليون من اختراق د فاعتنا ونشطت على الفور المدفعية المضادة للطائرات و تحولت السماء الى مظلة من طلقات المدفعية وحدث قصف لمواقعنا وقررت ترك خندقى لأنتقل الى مكان آخر أكثر أمنا وبعد عدة ثوانى من ترك الخندق سقطت أحد القنابل 1000 رطل مباشرة فوق خندقى ليتحول الى حفرة قطرها عشرة امتار وبعمق خمسة امتار

أرقد يا جرجس .... أرقد

من خلال الد خان و الغبار شاهدت الشاويش جرجس و هو يجرى على الأقدام وعلى ما يبدو لقد سقطت إحدى القنابل قريبا جدا منه فقد كانت ملابسه ممزقة وصرخت فيه ــ( ارقد ياجرجس .. ارقد يا جرجس ) فقد كانت شظايا القنابل والصواريخ تتطاير فى كل مكان و لكنه استمر فى الجرى بإتجاهى معتقدا أن الأمان عندى وفعلا رقد بجانبى


هذه القصة مرسلة من أحد أبطال الدفاع الجوى عن طريق الإنترنت


powered by FreeFind

Site search


الصفحة الرئيسية