تابع قصة جندى مصرى من أبطال الدفاع الجوى الذين ساهموا فى كتابة حرب أكتوبر

السيطرة على الموقف وأربع شهداء

تمكنت مد فعيتنا من رفع وابعاد طائرات العدو (صواريخنا لا تستطيع اصابتها إذا كانت فوقنا) لتصبح مرة أخرى فى مرمى صواريخنا واستعدنا السيطرة على الموقف واسقطنا طائرتين

فى هذا اليوم سقط أربع شهداء من الكتيبة وكان من بين الجرحى صديقى فكرى عامل الديزل الذى يمدنا بالكهرباء و لم تكن اصابته خطيرة بعض جروح بسيطة فى صدره و لكنها كانت على ما يبدو صدمة عصبية و تم ارساله الى مستشفى بورسعيد

موقف الكتيبة 14

فى مساء هذا اليوم كان مسرح العمليات الحربية فى بورسعيد على النحو التالى:ـ الكتيبة 14 خسرت أربعة شهداء وبعض المعدات التى كان لها بديل ، سلاح الجو الإسرائيلى خسرإثناعشرة طائرة متناثرة حول الكتيبة 14، نسبة خسائر الكتيبة 14 الى خسائر سلاح الجو الاسرائيلى فى الأفراد كانت 1 : 4 أو 1 : 5

قطاع بورسعيد مقبرة السلاح الجوى الإسرائيلى

لقد كان الإسرائيليين يعتقدون أن قطاع بورسعيد سوف يكون مقبرة لقوات الدفاع الجوى نظرا لإنعزالها عن شبكة الصواريخ بسبب وجود بحيرة المنزلة و إستغلالها كثغرة يدخل منها لمهاجمتنا من جميع الاتجاهات ولكنا حولنا قطاع بورسعيد الى مقبرة للسلاح الجوى الإسرائيلى رغم تركيزه الشديد علينا

سلاح المهندسين وتطهير الموقع

فى مساء هذا اليوم صدر الامر لنا بفك الكتيبة والعودة الى القاهرة لتعويض المعدات المفقودة ولإعطاء الوقت لسلاح المهندسين لتطهير الموقع من القنابل الزمنية الموجودة به و لتحل مكاننا إحدى الكتائب الأخرى

وبدأنا بحل المعدات و لم تكن هناك اصابات جوهرية فى المحطة لقداصيب إحدى الديازل الذى يمدنا بالكهرباء (كان هناك اخر احتياطيا دخل فى الخدمة على الفور) وقررنا أخذه معنا لاصلاحه و كنا نقوم بدفعه من الخلف للمساعدة و كنت اقف على حافة إحدى الحفرالتى حدثت بفعل القصف وتحت قدمى احدى القنابل الزمنية وكنت اعتقد انها أحد الصخورالناتجة عن القصف فقد كان ظلاما و بعد سحب الديزل إلى الخارج بعدة دقائق انفجرت هذة القنبلة

الطوق الحديدى للقضاء على الثغرة

عدنا الى القاهرة لإستعواض المعدات ، وبعدها تحركنا فى اتجاه مدينة السويس ولم نكن وحد نا كانت هناك اعدادا هائلة من الدبابات والمصفحات وناقلات الجنود والقوات الخاصة (الصاعقة) والمدفعية متجهة إلى القطاع الجنوبى من الجبهة لقد كان حشدا هائلا لم اشاهده من قبل إنه الطوق الحديدى الذى يحيط بالقوات الإسرائيلية غرب القناة لقد كانت قوات حديثة لم تشترك بعد فى القتال إنه الجيش الثالث والذى كان جزء منه فى سيناء يحيطون بالقوات الاسرائيلية المتسللة غرب القناة

نصب كمين للطائرات الإسرائيلية فوق الثغرة

وصلنا إلى الموقع الجديد ، وتم نصب الكتيبة 14. ثم وصل أمر من القيادة بتحرك طاقم أفراد من محطتنا (نظرا لخبرتنا فى القتال) لتدعيم أحد كتائب الصواريخ - كتيبة 12 فولجا وهى صواريخ أبعد مدى من صواريخنا - لنصب كمين للطائرات الإسرائيلية فوق الثغرة وذالك على ما يبدو لإعلام الإسرائيليين بحرمانهم من الغطاء الجوى فى حالة تجدد القتال وليمتد ذراعنا الطويل ليحمى سماء الجيش الثالث فى سيناء

ثقتنا فى قيادتنا كبيرة

وصلنا أنا والعريف حمدى والنقيب حمدى إلى الكتيبة المكلفة بعمل الكمين و بدأنا التحرك فى مساء نفس اليوم فى اتجاه القوات الإسرائيلية و كانت الأنوار مطفاءة و ظللنا نتقدم حتى شعرت أننا فى وسط العدو وكان هذا خطرا لاننا سنصبح هدفا سهلا لقصف الدبابات و المدفعية من الأرض ولكن كانت ثقتنا فى قيادتنا كبيرة أنها تعلم ما تفعل وكانت قواتنا تقوم بقصف الإسرائيليين طوال الليل و تم نصب الكتيبة وفى الصباح شاهدت حولنا وعلى بعد عدة كيلومترات عددا من كتائب الصواريخ بعضا منها هيكليا لخداع العدو

طائرة بدون طيار

كان حولنا اعداد كبيرة من الدبابات التى كانت تخرج من مواقعها فى الليل لمهاجمة العدو. وكان يوجد أيضا بعضا من المدرعات الجزائرية أو المغربية بالقرب منا وتم اسقاط طائرة استطلاع إسرائيلية بدون طيار(شيكار)

صديق طفولتى مصطفى

فى الكتيبة 12 فولجا وجدت صديق طفولتى و دراستى مصطفى لقد كان يقوم بنفس العمل الذى اقوم به فى محطة الرادار و هو التعامل مع الأهداف المعادية على شاشات الرادار بالإضافة الى إصلاح المحطة في حالة الأعطال الألكترونية فى اسرع وقت ممكن ، وكان من واجبنا ايضا التغلب على الاعاقة و الشوشرة الألكترونية التى كان يقوم بها العدو

تم تنفيذ الأمر

واقتربت طائرتان استطلاع إسرائيليتان من طراز فانتوم . وانطلقت صواريخنا واهتزت الارض وتطاير الغبار و تم اسقاطهم و أسر الطيارين . وعدنا بعد ذلك إلى الكتيبة 14(التى كانت فى النسق الثانى) فقد كان الامر الصادر لنا هو البقاء معهم حتى يتم اسقاط طائرات للعدو وتم تنفيذ الامر

اسباب انسحاب الإسرائيليون من غرب القناة

اسباب انسحاب الإسرائيليون من غرب القناة دون أن نسحب جندى واحد من شرقها. وهذا لعدة اسباب فى رأيى:-

أولا - كان هناك حصارا وحشدا هائل من دباباتنا ومدفعيتنا وقواتنا تحاصر الإسرائيليين بعد تقدمهم خلال الأيام الأولى لوقف إطلاق النار ولم يكن هناك مانع مائى بيننا وبينهم

ثانيا - كان ممر الحياه للقوات الاسرائيلية (الموجودة فى غرب القناة) بين الجيش الثالث والثانى فى سيناء بعرض عدة كيلومترات وكان من الممكن غلقه فى حالة تجدد القتال لتصبح القوات الإسرائيلية معزولة نفعل بها ما نشاء لقد كانوا اشبه برجل وضع رأسه تحت المقصلة متطوعا

ثالثا - كان من المستحيل ان يحصلوا على حماية جويه من سلاحهم الجوى نظرا لوجود كتائب الصواريخ وتنظيمها حولهم لقد كان مكتوب عليهم الفناء فى حالة تجدد القتال . ولهذا فضلوا الانسحاب من الضفة الغربية للقناة و بأسرع وقت وكان ذكاء من جولدا مائير وكسنجر

كلمة أخيرة:- يبقى أن أقول أن هذه الذكريات لم تكن بكل تفاصيلها لانها كانت سوف تحتاج الى مئات الصفحات لقد كانت هناك مواقف شجاعة وتضحية تبعث على الذهول وايضا مواقف ضعف بشرى وأخرى مضحكة وأيضا مبكية ، هناك كثيرمن الذكريات فى قلوب مئات الآلأف من الجنود الذين خاضوا أخر حروب مصر وأشدها منذ الفراعنة واخشى انها سوف تموت معنا و لا يعلم أحدا شيئا عنها . سلام لشهدائنا الابرار فى جنات الخلود وسلام إلى أبطال الدفاع الجوى فى حرب اكتوبر

عبد الله المصرى


هذه القصة مرسلة من أحد أبطال الدفاع الجوى عن طريق الإنترنت


powered by FreeFind

Site search


الصفحة الرئيسية